معاناة يومية … ما لا يعرفه الرجال
أيمن الغنميين: هل سبق وفكرنا نحن الرجال وأثناء تقدمنا لوظيفة ما حول احتمالية تعرضنا للتحرش؟
لفت نظري أحد الأصدقاء في حديث دار بيننا حول الفرق بين المسؤول الذكر والمسؤول الأنثى، ولصديقي محمد نظرية بسيطة معقدة، مفادها أن المسؤولة الأنثى تجابه وإلى جانب صعوبات العمل مغبة نوعها الاجتماعي، وهذا كله يدفعها إلى أن تبذل كل ما لديها لإحراز تقدم حقيقي على السلم الوظيفي لمؤسستها أو مجالها الذي تعمل فيه، ليس لشيء يتعلق بتقييمها المهني، بل لأنها امرأة وعليها دائما أن تثبت للآخرين أنها ليست ناقصة عقل ودين والعياذ بالله!!
ليس من السهل أن يبرهن المرؤ كفاءته في مؤسسة ما، ولكن كيف سيكون الحال وهو ملزم أيضا بدحض الأحكام المسبقة عليه والتي تدين بدورها جنسه، ورجاحة عقله، بل وحتى قدرته على اتخاذ القرار، ولفهم أفضل للمسألة، هل سبق وفكرنا نحن الرجال وأثناء تقدمنا لوظيفة ما حول احتمالية تعرضنا للتحرش؟ هل سبق وأن شعرنا يوما بأننا نبدو ضعفاء أمام مرؤوسينا إلى حد لا يؤهلنا لطرح آرائنا حول نظام المنشأة التي نعمل فيها فقط لأننا ولدنا بأعضاء تناسلية تحد من ابداعاتنا منذ الولادة؟
تشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل مشاركة النساء في قوة العمل في الأردن لم يتجاوز نسبة الـ 14%، وهو من أدنى المعدلات في العالم، في حين تتقاطع هذه النسبة مع فجوة اختيار التخصصات، أو ما يُعرّف بـ”تنميط الوظائف”، إذ تثقل القيود والمحددات الاجتماعية كاهل النساء وتوجههن إلى التخصصات التربوية والصحية بخلاف الرجال، والمحصلة تركز النساء في قطاعي الصحة والتعليم، ومرده الأساس ضعف التوجيه الوظيفي والمهني في الأردن على مستوى وزارتي التربية والتعليم والعمل، والذي يؤدي غالبا إلى اختيار تخصصات مشبعة، وبما يزيد معدلات البطالة بين النساء
يمكن للحكومة اتهام الآخرين بتفاوت الأجور، خصوصا إذا ما قدمت الأرقام لنا نسبة تفاوت تبلغ 41% بين النساء والرجال في القطاع الخاص، إلا أن هذا لا يبرئ الحكومة نفسها من كونها مسؤولة عن تنظيم بيئات عمل صديقة للمرأة، وهي إدانة أشار لها تحليل مشروع الموازنة العامة للسنة المالية عام 2015، والذي بين أن نسبة النساء الحاصلات على وظائف قيادية في وزارة التربية والتعليم تبلغ 47.7% وفي وزارة الصحة 24% إلا أنها لم تتجاوز نسبة الـ 16% في باقي الوزارات وتصل إلى 0% في وزارة الداخلية مثلا!!
تشارك الحكومة نفسها في تكريس قدوات إقصائية للنساء من الوظائف القيادية، وهي ترجمة مباشرة لسياسيين ورجال دولة يتوافدون على المناصب العامة من خلفيات وعقليات مناهضة للتحديث، أو على أحسن التقديرات مسؤولون يرزحون تحت ضغوطات الإسلاميين والمحافظين، وبما يعكس عقلية جمعية تتمسك بموروثات بالية، بل وتساهم في عرقلة النمو وزيادة الفقر الذي يشتكي منه الأردنيون!!
أيمن الغنميين
يمثل هذا المقال آراء الكاتب ولا يعكس بالضرورة الموقف التحريري لمنصة شيزوميديا