Our Space

حماية المهنة واجبة.. لكن حرية الصحافة أولًا.


أعلنت نقابة الصحفيين الأردنيين عن “إجراءات صارمة” تهدف إلى “حصر التعامل مع أعضاء النقابة والعاملين في المؤسسات الإعلامية المرخصة”، بذريعة “التصدي للدخلاء على المهنة” !
أنا مثلا بموجب تعريفها دخيل على المهنة على الرغم من أنني:

  • حاصل على ماجستير في الصحافة والإعلام الحديث عام 2011
  • أول أردني يؤسس صحيفة عربية في ولاية أوهايو الأمريكية
  • وآخر عمل لي هو رئيس تحرير صحيفة تم تأسيسها في الولايات المتحدة الأمريكية وبسببها حصلت على جائزة “اللغات العالمية” من منظمة تأسست في الخمسينيات، حيث كنت أول عربي يحصل على مثل هذه الجائزة .
  • كما عملت قبل نحو 14 سنة محرر لشؤون المحافظات في صحيفة الرأي الأردنية الرسمية، حيث استوفيت آنذاك كل الشروط المطلوبة للانتساب للنقابة… لولا شرط “رقم الضمان الاجتماعي” الذي كان عقبة إدارية في وقتها.. فهل هذا معيار منطقي يحدد كفاءة الصحفي المهنية؟!
    أي مهنة هذه التي تُقاس فيها “العضوية” بموجب اشتراكات واشتراطات إدارية؟!
    ولهذا.. اسمحوا لي أن أسرد هذه الملاحظات البسيطة:
  • قانون نقابة الصحفيين لعام 1998 قديم، لا يتناسب مع التسارع والتحول الرقمي والذكاء الصناعي وتطورات المهنة ومتطلباتها، حيث تكثر فيه المنصات والمشاريع الإعلامية المستقلة، ويحضر في المشهد جيل جديد من الصحفيين. هذا القانون يحتاج إلى مراجعة عميقة، جادة، وشجاعة.
  • حتى اللحظة، لم نشهد حوارًا وطنيًا حقيقيًا، صادقًا، جامعًا، حول القانون أو حول كل القوانين الناظمة للعمل الصحفي والحريات الإعلامية (أكثر من 35 قانونا)، لنضمن من خلالها أن تكون الصحافة سلطة رقابية حرة، لا تابعة.
  • إن حرية تأسيس الجمعيات والنقابات والانضمام إليها، أو الامتناع عنها، حق دستوري نص عليه تعديل 2011، وأكدته المواثيق الدولية: المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  • كما أن فرض عضوية النقابة كشرط لممارسة الصحافة يخالف روح الحرية، ويقيد الحق الطبيعي في التعبير، ويصادر خيار الأفراد في التنظيم والانتماء.
  • هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها: عشرات لا بل مئات الصحفيين الأردنيين داخل الوطن وخارجه، غير منتسبين للنقابة، وهم على كفاءة عالية بدليل انتسابهم لمؤسسات إعلامية ونقابات عالمية واسعة الانتشار، ولديهم سمعة في محافل وسائل الإعلام الدولية.
  • في العالم “المتقدم”، تُمارس التعددية النقابية، ويُسمح بإنشاء أكثر من نقابة للمهنة الواحدة، مثل نقابة الإعلاميين في مصر، وهي الجوار الأقرب. في الأردن، يمكن قانونيًا إنشاء نقابة للإعلاميين إلى جانب نقابة الصحفيين، لتوسيع مساحة التمثيل، وتكريس حق الاختيار الحر.
  • حصر التعامل مع أعضاء النقابة فقط، يعني إقصاء الأصوات المستقلة، وخنق التعددية الإعلامية، وإضعاف روح الصحافة كقوة وسلطة رقابية مستقلة، قادرة على مساءلة الجميع دون استثناء.
  • النقابة الحقيقية هي التي تجذب الأعضاء طوعًا، بخدماتها وحمايتها ومصداقيتها، لا تلك التي تُحوّل بوابتها إلى ممر إجباري لمن أراد العمل في هذه المهنة النبيلة.
  • البديل الحقيقي والعادل ليس في تقييد الحريات، بل في تقوية النقابة من الداخل؛ بتطوير خدماتها وتعديل قانونها، ورفع كفاءة أعضائها، وتعديل صياغة مدونات السلوك المهنية الخاصة فيها والتي تُعزز قيم النزاهة والالتزام الطوعي.
    نريد نقابة قوية، حرة، جاذبة، لا حاجزًا بيروقراطيًا.
    نريد صحافة مستقلة، لا سلطة عليها.. وقوانين لا تجرنا إلى الماضي.
    حماية المهنة حق، لكن حرية الصحافة أولى.

عبدالله مبيضين.

Related Articles

en_USEnglish