شعبويات المناخ
بين الإنكار والتهويل الشعبوية، بطبيعتها، تميل إلى التبسيط وإثارة المشاعر بدل عرض الحقائق. في الخطاب اليميني

هل تغيُّر المناخ مجرّد خدعة؟ وهل فعلاً يوشك كوكب الأرض على الانهيار خلال سنوات معدودة؟
بين من يُكذّب التغير المناخي جملة وتفصيلاً، ومن يُضخم تداعياته حدّ التهويل، نجد أنفسنا أمام مشهد مشوش، تعلو فيه الأصوات الشعبوية وتضيع الحقائق. في زمن الأزمات العالمية، يصبح من السهل أن تجد من يختزل أزمة معقدة مثل المناخ في شعار بسيط، أو في سردية عاطفية تُخاطب الغضب أو الخوف. وهنا، تكمن خطورة الخطاب الشعبوي حين يتعامل مع قضايا مصيرية.
تغيّر المناخ ليس مجرد نقاش علمي أو بيئي، بل هو مسألة تمسّ الاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان. في العقدين الأخيرين، تصاعدت الخطابات الشعبوية في مختلف أنحاء العالم، مستغلة قضية المناخ إما لإنكارها بالكامل، أو لتضخيمها بطريقة تزرع الذعر وتبسط الحلول.
من جهة، تقود بعض التيارات اليمينية هذا الخطاب لتشكيك الناس في العلم وتبرير السياسات المنغلقة، كما فعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حين وصف الاحتباس الحراري بأنه “خدعة اخترعها الصينيون لتدمير الصناعة الأمريكية”. ومن جهة أخرى، تذهب بعض الحركات اليسارية إلى التطرف، مثل “تمرد الانقراض”، التي تصور الكوكب وكأنه على وشك الفناء، وتتبنى وسائل احتجاجية صادمة.
بين الإنكار والتهويل
الشعبوية، بطبيعتها، تميل إلى التبسيط وإثارة المشاعر بدل عرض الحقائق. في الخطاب اليميني، نجد أدوات كلاسيكية:
الإنكار المطلق للعلم: رغم الإجماع العلمي على حقيقة التغير المناخي، يتم وصفه بأنه كذبة أو مؤامرة.
شيطنة الآخر: اتهام دول أخرى، كالصين، باستخدام هذه القضية لتحقيق مكاسب اقتصادية.
معاداة التعاون الدولي: كما في الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ورفض أي اتفاقيات يرى فيها تهديداً للسيادة الوطنية.
أما الخطاب الشعبوي اليساري، فهو لا يقل خطورة من جهة أخرى:
المبالغة في التهديد: الترويج لنهاية وشيكة للعالم يزرع اليأس بدلاً من الحافز.
تبسيط الحلول: الادعاء بإمكانية الوصول لانبعاثات صفرية خلال سنوات قليلة، دون اعتبار التعقيدات الاقتصادية والتكنولوجية.
شيطنة النخب والمؤسسات: يتم تصوير الحكومات وكأنها العدو الوحيد، دون مساءلة ذاتية.
كلا الاتجاهين يخلق انقسامًا بدلاً من التفاهم، ويقوّض إمكانيات التعاون الفعلي بين الشعوب والدول.
للمزيد, شاهدوا الحلقة