مساحتنا

ما هي الشعبوية وما هو فهم الناس لها؟ “شعبوية؟ شعوب يعني؟ أكلة؟!”

فالشعبوية ليست مجرد مصطلح سياسي، بل أسلوب حياة سياسي يُعاد تكراره في كل موسم انتخابي، ويؤثر على مصائر الناس وحقوقهم


بهذا السؤال الطريف والمربك في آن، يبدأ الفيديو الذي عرضته منصة “شيزوميديا”، ليكشف من خلاله عن فجوة واسعة بين مصطلح يُتداول بكثرة في السياسة والإعلام، وبين فهم الناس له في الحياة اليومية. مشاهدة تعليقات الناس العفوية طريفة لكنها في الوقت نفسه تسلّط الضوء على إشكالية أكبر: هي بيننا دائمًا، تتحدث بلغتنا، ونتأثر بها لكننا لا نعرفها!
لماذا الحديث عن الشعبوية مهم؟
في زمننا، تبرز الشعبوية كأحد أكثر المفاهيم تداولاً سياسياً وإعلامياً واجتماعياً. نسمعها لوصف سياسيين، رجال دين، أحزاب، أو حتى قرارات حكومية. لكنها، كما كشف الفيديو، تبدو ككلمة ضبابية لدى كثيرين: تُخلط مع “الشعبية”، وتُشبّه بأكلات محلية مثل “المنسف” و”الكبسة” و”حلوى الشعيبيات”، وتُختزل أحياناً بشخص “عنده قاعدة جماهيرية واسعة” أو “يحب بلده”.
في المقابل، يقودنا الفيديو، خطوةً خطوة، إلى توضيح هذا المفهوم من خلال أمثلة واقعية، منها خطاب بوتين في بداية حرب أوكرانيا، أو استخدام بعض المرشحين مفردات دينية ووطنية لجذب الأصوات. وهو ما يجعل الحديث عن الشعبوية أمراً مهماً؛ لأنها ليست مجرد مفهوم لغوي، بل أداة تستخدم في الواقع لتشكيل الرأي العام، والتأثير على السلوك، وأحياناً لتبرير ممارسات قمعية.
تحليل المفهوم وما يُضادّه
الشعبوية ليست أكلة، ولا هي مجرد “شعبية”. هي أسلوب في الخطاب السياسي يقدّم حلولاً بسيطة لقضايا معقّدة، ويعتمد على دغدغة مشاعر الناس، لا على تقديم سياسات مدروسة. الشعبوي يخاطب “الشعب” بلغة قريبة، يوهمهم بأنه الأقرب إليهم، ويضع نفسه ضد “النخبة الفاسدة”.
يبدو الأمر للوهلة الأولى إيجابياً: سياسي يتحدث بلغة الناس ويدافع عن مصالحهم! لكن الحقيقة أكثر تعقيداً. ففي قلب الخطاب الشعبوي، تكمن مفارقة: هو يدّعي تمثيل “إرادة الشعب”، لكنه في الواقع يستخدم هذه الإرادة كغطاء لمصالحه الشخصية أو الحزبية.
من جهة أخرى، هناك من يرى أن الشعبوية قد تكون في بعض الحالات مفيدة، لأنها تُظهر الغضب الشعبي من نظام لا يلبّي حاجاته، وتفرض على النخب السياسية الاستماع. لكن هذه النظرة تصطدم بحقيقة أن الخطاب الشعبوي، حين يُستخدم للتحريض على فئات معينة أو لتبرير القمع، لا يعود تعبيراً عن إرادة الناس، بل وسيلة للسيطرة عليهم.
هل الشعبوية هي صوت الناس؟
إذا كانت الشعبوية تُختزل أحيانًا بـ “زلمة عنده شعبية”، فهذا يُظهر كم نحن بحاجة لإعادة التفكير في المفاهيم التي تحكم حياتنا العامة. فالشعبوية ليست مجرد مصطلح سياسي، بل أسلوب حياة سياسي يُعاد تكراره في كل موسم انتخابي، ويؤثر على مصائر الناس وحقوقهم.
فهل علينا أن نخاف من الشعبوية؟ أم أن نخاف من قدرتها على التلاعب بنا ونحن نظن أننا نختار بحرية؟

للمزيد, شاهدوا الحلقة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
arArabic