مساحتنا

حقوق المرأة بين المطرقة الدينية والسندان الشعبوي

معركة بين تمكين المرأة والشعبوية الدينية في البرلمان الأردني تحت قبة البرلمان الأردني

جدل البرلمان الأردني حول قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة
قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة: معركة بين تمكين المرأة والشعبوية الدينية في البرلمان الأردني
تحت قبة البرلمان الأردني، انفجر جدل واسع كاد أن يطغى على جوهر النقاش الحقيقي. مشروع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، الذي يهدف إلى تنظيم عمل هيئة قائمة منذ عام 1992، تحول إلى ساحة معركة دينية وسياسية. وبينما كان الهدف تنظيم عمل هذه اللجنة، طغت على الجدل أصوات تهاجم وتدافع، وتجعل من حقوق المرأة ساحة للصراع الأيديولوجي. لماذا هذا الجدل؟ وما الذي كشفته النقاشات عن واقع حقوق المرأة في الأردن؟
القصة بدأت عندما طُرح مشروع قانون لتنظيم عمل اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، التي كانت تعمل سابقًا دون إطار قانوني واضح. المشروع يهدف لتقديم إطار قانوني يُمكّن اللجنة من متابعة وتطبيق السياسات المتعلقة بحقوق المرأة. لكن النقاش لم يقتصر على هذه التفاصيل، بل تركز على جملة واحدة: “مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية”. بعض النواب اعتبروا حذف هذه العبارة تهديدًا للأسرة والدين، وفتحًا لباب الفساد والانحلال. بينما رأى آخرون أن هذا النقاش يعكس ذهنية ذكورية تعادي أي تقدم للمرأة، حتى لو كان في إطار قانوني يحمي حقوقها.
تحت قبة البرلمان، ظهرت تصريحات صادمة. أحد النواب اعتبر أن “المرأة هي مدخل أعداء الأمة لإخراجها من أنوثتها”، وآخر اعتبر أن القانون يهدف لإفساد المرأة وخروجها عن الدين. هذه الخطابات لم تكن مجرد آراء، بل عكست تيارًا شعبويًا يستخدم الدين كأداة لتخويف الناس ومنع أي تقدم في مجال حقوق المرأة.
ما حدث في البرلمان الأردني ليس مجرد نقاش قانوني، بل تجسيد لصراع فكري بين تيارين. التيار الأول يخشى أن تؤدي حقوق المرأة إلى تهديد النظام الاجتماعي القائم، ويرى في كل محاولة لتمكين المرأة تهديدًا للأسرة والدين. هؤلاء يتخذون من الدين شعارًا يحاولون من خلاله كبح أي تطور، مستغلين العاطفة الدينية لدى الناس لتمرير خطاباتهم.
أما التيار الثاني، فهو يرى في هذا القانون خطوة نحو تعزيز حقوق المرأة وضمان مشاركتها الكاملة في المجتمع. هؤلاء يدركون أن المرأة الأردنية ما زالت تواجه تحديات كبيرة، من بينها العنف القائم على النوع الاجتماعي، وزواج القاصرات، ونسبة مشاركة متدنية في سوق العمل لا تتجاوز 15%. هؤلاء يتساءلون: كيف يمكننا بناء مجتمع متقدم بينما نصفه يعاني من التمييز والتهميش؟
لكن بين هذين التيارين، يبقى السؤال الجوهري: هل يمكن أن تستمر حقوق المرأة في أن تكون ساحة صراع ديني وسياسي؟ أم أن الوقت قد حان لفصل الدين عن النقاشات القانونية، والاعتراف بحقوق المرأة كحقوق إنسانية يجب أن تحترم وتُصان؟
في خضم هذا الجدل، تظهر حقيقة مرة: حقوق المرأة في الأردن ليست مجرد مسألة قانونية، بل هي ميدان لصراع أكبر حول هوية المجتمع ومستقبله. وبينما يستخدم البعض الدين لتخويف الناس وتقييد حقوق المرأة، يبقى السؤال الأهم: من الذي يخاف حقًا على المجتمع؟ ومن الذي يخاف أن يفقد سلطته عليه؟

للمزيد, شاهدوا الحلقة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
arArabic