مساحتنا

العرموطي وخطاب الشعبوية

يدغدغ مشاعرهم، لكن على حساب خطاب العقل، وعلى حساب حريات الآخرين، وعلى حساب شركاء البلد من غير المسلمين أو غير المتدينين في الوطن الأردني الجميل

يعتبر النائب الاردني صالح العرموطي ظاهرة شعبوية فريدة، فهو لا يألو جهدا لمخاطبة ومداعبة مشاعر الناس الدينية والقومية، فعلى سبيل المثال:
في أكثر من دورة نيابية سأل عن المطاعم والمحلات السياحية التي تقدم المشروبات الكحولية، واستنكر كيف أنها تفتح في نهار رمضان، معتبرا ذلك استفزازا، كما طالب وزارة الداخلية بالحزم والأجهزة الأمنية بالصرامة بحق ما أسماهم بالمجاهرين بالمعصية والمخالفين لأحكام الشريعة والقانون، ولم يتوقف عند ذلك بل دعا الى محاكمتهم بتهمة إهانة الشعور الديني.
دعونا نُشَرُحُ هذا الطلب:
أولا: أغلب هذه المطاعم تفتح بشكل قانوني لان رخصتها سياحية، والاردن اكثر من 15 بالمية من الدخل القومي معتمد على السياحة، وبعد أزمة كورونا وأثر الحرب بغزة، وحاجة القطاع السياحي الملحة للعمل والسيولة، من الطبيعي تسهيل عمل السياحة لا سيما وان شهر رمضان منذ سنوات وهو يأت في فترة الربيع والصيف وهي الفترة الاكثر ازدهارا للسياحة بطبيعة الحال.
ثانيا: ماذا تعني جملة بطريقة استفزازية؟ كيف من الممكن يفتح المحل بطريقة استفززازية؟
اما انه استفز مرجعيتك الفكرية ، او انك تريد استفزاز مشاعر الناس ، لتحريضهم على مشاعر الغضب، فطوال شهر رمضان الماضي لم نر دعوات للاردنيين بمحاسبة المحلات التي تفتح خلال نهار رمضان، لان الناس تعلم ان روادها من السياح، او من غير المسلمين، او حتى من غير الصائمين.
ثالثا: طلبك من الاجهزة الامنية التدخل ب”بحزم وصرامة”، قد يعتبراعتداء صارخ على الحرية الشخصية للمواطن الاردني!
رابعا: حين قال النائب ان ذلك يخالف احكام الشريعة، وأراد محاكمتهم بتهمة اهانة الشعور الديني، وطلبه بتدخل الاجهزة الامنية لتحكيم الشريعة في هذا المضمار، أمر مخالف لمدينة الدولة التي يسعى لها الاردنيون، والتي اشار لها جلالة الملك عبد الله الثاني في ورقته النقاشية السابعة عام 2016

كثيرون يرون العرموطي نائبا جادا ولديه مشروع حقيقي، لكنها بذات الوقت يستخدم الخطاب الشعبوي ليسترضي او يستجدي مشاعر قاعدته الانتخابية المبة لايدلوجيا الاسلام السياسي، يدغدغ مشاعرهم، لكن على حساب خطاب العقل، وعلى حساب حريات الاخرين، وعلى حساب شركاء البلد من غير المسلمين او غير المتدينين في الوطن الاردني الجميل.
ولعل أحدث ما وقع فيه النائب العرموطي، دفاعه الشعبوية عن أحد الموقوفين في قضية الصواريخ والدرونز، قبل الكشف عن ملابسات القضية كان يدافع عنه ويدعو الى اطلاق سراحه بصفته معتقل رأي، ويدعي بأن الحكومة تكمم الافواه من خلال اعتقاله، ليتبين لاحقا انه متهم بالإرهاب وزعزعة أمن الأردن من خلال المشاركة في صناعة الاسلحة وغيرها، هنا وقع العرموطي في شرك شعبويته، فخسر الحقيقة، وربما خسر محبة واحترام حتى الشريحة التي كانت تدعمه في الانتخابات السابقة.

للمزيد, شاهدوا الحلقة

مقالات ذات صلة

arArabic